الهدي النبوي في رعاية الأطفال
قد اهتم النبي صلى الله عليه وسلم كثيراً بالأطفال وأمرنا أن نحسن معاملتهم وأن نرفق بهم... وهذا ما ينادي به علماء الغرب اليوم، لنقرأ....
هل تعلمون يا أحبتي أن النبي الكريم صلى الله عليه وآله وسلم لم يضرب طفلاً قط في حياته؟
بل إن النبي أمرنا أن نعطف على الصغار وأن نحسن إليهم منذ اللحظة الأولى، بل من قبل أن يأتي إلى الدنيا.
فأمر أن نحسن اختيار أمّه
(فاظفر بذات الدين تربت يداك)، وأن نحسن اسمه ونحسن معاملته.
فهذا هو سيدنا أنس بن مالك رضي الله عنه يخدم رسول الله عشر سنوات، والعجيب أن النبي وخلال كل هذه المدة،
لم يوبّخه ولا مرة واحدة! ولم يقل له:
لماذا فعلت كذا أو لماذا لم تفعل كذا، بل كان يعلّمه ويرفق به.
روى البخاري ومسلم في صحيحيهما :
(عن أنس قال خدمت النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين بالمدينة وأنا غلام، ليس كل أمري كما يشتهي
صاحبي أن أكون عليه، ما قال لي فيها أف قط، وما قال لي لم فعلت هذا أو ألا فعلت هذا) [متفق عليه].
وقال أنس بن مالك رضي الله عنه "وهو طفل" بعدما خدم النبي عشر سنوات:
(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحسن الناس خلقا) [متفق عليه]. وسبحان الله، أين نحن اليوم من هذه
الأخلاق النبوية الحسنة؟
طبعاً إن النبي الكريم خالف عادات المشركين في عصره، حيث كانت القسوة مع الطفل عادة سائدة، وضرب الأطفال
والنساء شيء جيد في عرف الجاهلية الأولى. وكان الآباء يسيؤون معاملة أبنائهم ويضربونهم ويعتقدون أن هذه هي التربية المثالية.
ولكن النبي الرحيم الذي قال الله في حقه:
(لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) [التوبة: 128]،
هذا النبي جاء رحمة للعالمين، وجاء ليصحح الأخطاء وليعلّمنا الأسلوب المثالي للتربية
السليمة، فنهى عن ضرب الأطفال، إلا إذا رفض الطفل الاستجابة للصلاة، فالضرب الخفيف في هذه الحالة هو أمر حسن ومطلوب، وعلى الرغم من ذلك لا يجوز ضرب الطفل قبل سن العاشرة!
والسبب ذي ذلك أن شخصية الطفل تتكون خلال السنوات العشر الأولى، وتأثره بالضرب يكون كبيراً جداً خلال هذه
السنوات، أما بعد ذلك فيكون تأثير الضرب على حالته النفسية أقل.
ولذلك قال عليه الصلاة والسلام:
(مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر وفرقوا بينهم في المضاجع) [السلسلة الصحيحة للألباني].
والآن ماذا يقول علماء النفس حديثاً عن ضرب الأطفال؟
وما هي نتائج العنف مع الأطفال؟
لنقرأ هذا الخبر العلمي الذي يؤكد أن العقاب البدني يجعل الأطفال أكثر عدوانية!
فقد وجد بحث علمي أن العقاب البدني يجعل الأطفال أكثر عدوانية ويؤثر على نموّهم الذهني وقدراتهم الإدراكية.
وأظهرت الدراسة عن الأطفال، وعدد من الدراسات الأخرى تابعت مجموعة أطفال من مرحلة الطفولة وحتى البلوغ، أن
الضرب قد يجعلهم أكثر انعزالية، وأن أولئك الذين تعرضوا للعقاب البدني في عمر سنة واحدة أصبحوا أكثر شراسة
وتراجع نمو قدراتهم الإدراكية، مقارنة بمن يتم تقريعهم شفاهة فقط.
وبينت دراسة منفصلة أن معاقبة الأطفال بدنياً يطور لديهم ظاهرة السلوك الاجتماعي الشائن، وبواقع ثلاثة أضعاف، عن
أقرانهم ممن لم يتعرضوا للضرب. وأظهرت النتائج أن تعريض الأطفال لمزيد من الضرب في عمر سنة واحدة يجعل
تصرفاتهم أكثر عدوانية عند بلوغ الثانية، وتدنت درجاتهم في اختبارات مهارات التفكير عند بلوغ الثالثة.
وقالت د. ليز برلين، الباحث العملي في "مركز سياسة الطفل والأسرة" بجامعة نورث كارولاينا: "نتائجنا تظهر بوضوح أن
الضرب يؤثر على نمو الأطفال." وشارك في الدراسة المنشورة في دورية "تطور الطفل" عدد من الباحثين من جامعات أمريكية مختلفة.
وتقول د. جينفر لانسفورد، من "جامعة ديوك" والتي قادت بحثاً مشابهاً حول تأثير الضرب على الأطفال من سن
الخامسة وحتى 16 عاماً، أن تلك الفئة التي تتعرض أحيانً للتقريع البدني، أكثر عرضة لتطوير سلوك اجتماعي معادٍ
عند البلوغ، وبواقع الضعف أو ثلاثة أضعاف. ومن أمثال تلك السلوكيات، التمرد في البيت أو المدرسة.
والآن لاحظوا يا أحبتي كيف أن العلماء ينادون بضرورة الاهتمام بتربية الطفل وعدم ضربه، بل بتوجيهه ونصحه وتعليمه،
وهذا ما كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم مع الأطفال.
فمن الذي علّم النبي الكريم أصول التربية الحديثة؟
ولماذا خالف الناس في زمانه ولم يأمر بضرب الأطفال؟
لماذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن نخاف الله في أولادنا؟
تأملوا معي هذه الوصية الرائعة للنبي الرحيم عندما قال:
(اتقوا الله واعدلوا في أولادكم) [البخاري ومسلم]! سبحان الله!
بعد كل هذه الحقائق يأتي من يقول إن النبي عليه الصلاة والسلام كان "إرهابياً"!!!
أو يقولون إن الإسلام انتشر بالقوة وبحدّ السيف، أو أن المسلمين لديهم عنف وتخلف!
ونقول يا أحبتي: إن كل ما تبثه وسائل الإعلام الغربية من صور مشوهة عن الإسلام هو غير صحيح، ويخالف أبسط
الحقائق اليقينية، وأنصح كل من يريد أن يعرف حقيقة الإسلام أن يلجأ إلى السيرة الصحيحة للنبي وأصحابه،
وليس إلى كتّاب صنعهم الإعلام الغربي.